ismagi
formations

المراهق والأصدقاء وزملاء الدراسة

الاستاذ

مشرف منتدى tawjihnet.net
طاقم الإدارة
المراهق والأصدقاء وزملاء الدراسة[/color]​
لقد ألهمت علاقة الصداقة التي تتم بين المراهقين العديد من الشعراء الذين تغنوا بجمالها وروعتها، كما أن العديد من كتاب القصص والروايات اتخذ منها موضوعا للوصف والتحليل الدقيق. وذلك قبل مجيء علم النفس لتحليل هذه العلاقة والإهتمام بها من الوجهة العلمية.
إن الصداقة بين المراهقين تلعب دروا هاما في حياتهم ونموهم ونضجهم النفسي والإجتماعي، فهذه العلاقة تتيح للمراهق رؤية ذاته من خلال منظار الغير وفي ذلك تلاحظ "بياكنازازو" B.Zazzo "أن الوعي بالذات يتم التعبير عنه ببذل جهد للتمييز عن الأقران" فالإحساس بالذات والوعي بها يتبلور أكثر ويكتسب مختلف أبعاده عن طريق علاقة المراهق بغيره.
ويلاحظ ان المراهقين والمراهقات يعطون أهمية بالغة للصداقة خلال هذه الفترة من حياتهم. وكثيرا ما تمتد علاقات صداقاتهم بالغير في هذه الفترة إلى سن الرشد وما بعده. فالمراهق لا يفهمه إلى مراهق مثله، يعاني ما يعانيه. لهذا فإنه عندما يشتد اليأس بأحدهم وتسود الدنيا في عينيه، فكثيرا ما لا يلجأ سوى إلى صديق حميم يفهمه ويواسيه، وكثيرا ما نسمع بقصص تكاد تكون خيالية يتحمل فيها المراهقون الكثير من الشدائد والتضحيات من اجل مساعدة أحدهم، وإذا كان علم النفس يعتبر ربط الصداقة بالغير حاجة من الحاجات الأساسية لنضج الشخصية وسواءها، فإن هذه الحاجة تشتد وتقوى خلال فترة المراهقة، فالمراهفون يولون أهمية قصوى لكسب صداقة أقرانهم، لما تلعبه هذه الصداقة من ادوار في حياتهم، وفضلا عن الوظائف التي تقوم بها هذه الصداقة خلال تبادل المعلومات وطلب المشورة والنصيحة والسند في أوقات عسيرة، فإن المراهق لا يستغني عن ما يقوم به الصديق من عكس المكانة وتحديد الصورة وقيمة الشخصية.
ومما يلاحظ، أن المراهقين عادة شديدي الولاء، والمحبة والتقدير لبعضهم البعض، أن الواحد منهم سرعان ما يتأثر بالآخر، والتقدير والولاء لجماعة الأقران بهذه الكيفية الشديدة جعلت بعض الباحثين يذهبون إلى القول بأن المجتمع المعاصر يشهد انتقال السلطة من الآباء إلى جماعات المراهقين. ففي هذه الجماعة أصبح المراهقون يكتسبون العديد من القيم والإتجاهات وأساليب التفكير ومقاييس الحكم على مختلف الموضوعات. ولشدة وقوة هذه الجماعات ومكانتها في نفسية المراهقين، فإننا نشهد أحيانا مواجهة بعض المراهقين لآبائهم بالرفض لبعض المسائل في حين لا يجرؤون على مواجهة أفراد جماعتهم بمثل ذلك.
وخطورة تأثير جماعة الأقران في أفرادها مسألة ذات اهمية، في الحالة التي يكون معظم أفراد هذه الجماعة أو تلك لا يتوفرون على المعلومات العلمية أو السليمة عن مختلف الموضوعات التي تتم مناقشتها فيما بينهم، إذ من شان الأخذ بأفكار غير صحيحة أن يؤثر بالسلب على شخصية المراهق، وتتغلب معظم المجتمعات المتقدمة على الوجه السلبي لجماعة الأقران بتخصيص نوادي ودور للثقافة لإيواء الشباب والمراهقين تحت تأطير مربين دورهم المساعدة على التنشيط التربوي. وبذلك يجنبون المراهقين الإختلاط المشبوه السلبي المتبادل فيما بينهم.
أما عن اختيار الصديق في مرحلة المراهقة، فإنه لا يتم بنفس المعايير التي يتم رفيق اللعب في الطفولة أو اختيار رفيق الطريق، فالذي يبحث عنه الرماهق احيانا هو الصديق الذي يصدقه القول أو النصيحة ويبرز محاسنه ومساوئه. وقد يكون المراهق أحيانا بأنه من الصعب اكتساب شخص مخلص، خارج أفراد الأسرة، بيد أن ولاء استنفذ منه جهدا كبيرا ورغبته وطموحه في الإستقلال عن الاسرة، يجعله يحاول فك كل القيود التي ربطته ردحا من الزمان بالأسرة. باحثا عن مجالات جديدة وأشخاص خارج أفراد الأسرة، كمصدر من مصادر الوشائج العاطفية الجديدة.
وفيما يتعلق بصفات الصديق الحق لدى الجنسين من المراهقين قام و"ادلسون" Douvant et Adelson بدراسة استطلاعية في هذا الموضوع استخدم فيها المراهقين في المجتمع الأمريكي تتراوح أعمارهم ما بين 14 و16 سنة. وقد دلت على وجود اختلافات. فالمراهقون بحاجة إلى جماعة ليشكلوا في مجموعة وقوة، وعن طريق هذه الجبهة والتكتل يستطيع المراهق أن يحل العديد من مشاكل بتأكيد الذات وتدعيم النزعة إلى الإستقلال.
أما المراهقات فإنهن يحتجن إلى عدد قليل من الصديقات الحميميات ممن يمكن بهن في بعض الأمور المستعصية والتغلب على المعاناة وحل بعض المشاكل ذات *-*الجنسية، كما يتخذن وسيلة لضبط وإشباع بعض البواعث والدوافع.
كما أكدت نتائج هذه الدراسة أيضا أن المراهقات يرغبن أن تتخلى صديقاتهن: والصدق وأن يكن جديرات بالثقة ويشكلن مصدرا من المصادر التي يمكن الإعتماد * الحاجة إلى السند والدعم. أما المراهقون فهم يرغبون في أصدقاء يتحلون بالعلاقات ذات المشاعر الدافئة. كما أن المراهقين بحاجة إلى الأصدقاء الذين يلقون منهم والمساندة خلال العرض لقهر السلطة الوالدية.
وقد دلت نتائج الدراسة الميدانية التي أجريناها (أوزي 1986) أن 82% من المتمدرسين يعتبرون الصديق الحق هو ذلك الذي يتحلى بالمشاعر الإجتماعية اللائقة * أجاب 82% من المفحوصين بما يلي:"أشعر أن الصديق الحق هو الذي يشارك في البأساء والضراء" وقد حدد بعض المراهقين ما هو مطلوب من الصديق تجاه صديقه، وهو .
أما الأفراد الذين يفضل المراهق التعامل معهم، فإن الإستجابة على الجمل التالية تقيس ذلك وهي:
1-"عملي أنا أكثر انسجاما مع ...".
2-"إن هؤلاء الذين أدرس معهم...".
3-"عندما لا أكون بين أصدقائي ...".
4-"الزملاء الذين يدرسون معي عادة ..".
وكانت الإستجابات عليها كما يلي:
"عملي أنا أكثر انسجاما مع من هم في مستواي". وذلك بنسبة 76%.
"إن هؤلاء الذين أدرس معهم معظمهم طيبين" وذلك بنسبة 59,6%.
"عندما لا أكون بين أصدقائي لا يطلب لهم الحديث" 56%.
"الزملاء الذين يدرسون معي عادة لا يفهمون أفكاري" 33,5%.
-العلاقة مراهق / مدرس:
يجمع المدرس في شخصه بين المعرفة والسلطة، ويوجد في نفس الوقت في ملتقى الأب الذي قد يكون موضع إعجاب الطفل أو موضع كراهيته، فنظرة الطفل إذن إلى المدرس ليست بريئة وإنما يسقط عليها نوع العلاقة أو الإتجاه الذي يكنه لشخص لهذا فإن الممارسة البيداغوجية للمدرس قد تختلط بخيال الطفل وإبهاماته، ومن ثمة عملية التعليم، تعلم مؤسسة على سيكولوجية جد معقدة.
ويعتبر المدرس وسيلة في تحقيق أهدافها وعن طريقة بواسطته يتم التأثير التلميذ.
والواقع أن العلاقة مدرس تلميذ ثلاثة جوانب متداخلة متداخلة فيما بينها ومتبادلة والتأثر، فالمدرس يتفاعل مع التلميذ في مجال تربوي يمثله الفصل الدراسي، والفصل الدراسي بدوره يدخل في تفاعل واسع مع المؤسسة المدرسية بكل مكوناتها ونظامها، ثم إن المدرس بالتلميذ من جهة ثانية، تتم انطلاقا من ميثاق مشترك يربطهما وهو والمقرات الدراسية التي يسير المدرس على هديها في علاقته بالتلميذ، ومن جهة ثالثة، علاقة المدرس بالتلميذ ليست علاقة ثنائية وإنما يأثر الخطاب المتبادل بينهما بمجال الدراسي الذي يشغله عدد كبير من التلاميذ يحسب يحسب لهم حسابه، في عملية التواصل والتفاعل التربوي، وسنحاول خلال الصفحات المقبلة المقبلة تحليل بعض هذه الجوانب.
وفيما يخص علاقة التلميذ بالمدرس فإن هناك عدة دراسات ميدانية تناولت بالوصف والتحليل هذه العلاقة ركز معظمها على الخصائص والصفات التي يرغب التلميذ توفرها في المدرس. فقد قام "بييرطاب" P.Tap يبحث حول "الصورة المثالية للأستاذ" محللا أوضحت التخصصات الدراسية على هذا البحث أن المراهقين ينتظرون من المدرس التفهم قبل كل شيء. وهذا الأمر ينطبق على تلاميذ التعليم الثانوي أكثر ما ينطبق على تلاميذ التعليم الإعدادي. أما تلاميذ التعليم المهني، فإنهم ينتظرون من المدرس قبل كل شيء، أن يمنحهم تعليما جيدا، وأن يحيطهم بالحب والإهتمام، وترغب الإناث من المراهفات أن تكون للمدرس سلطة وهيبة ووقار في القسم * فإنها صفة مرغوبة لدى معا من التلميذ، الذكور والإناث، ولدى النوعين معا من التلاميذ سواء الذين يتابعون العام او التعليم المهني.
وفي بحث آخر قام به "فيلدمان" Veldman (1963) لتحديد خمسة صفات تجعل ناجحا في عيون التلاميذ، وكانت عينة البحث مكونة من 500 تلميذ تبلغ أعمارهم ما بين
أ-أن يكون المدرس شخصا محبوبا ومشجعا.
ب-أن يعرف كيف يمزج الإهتمام والرغبة في الدراسة.
ج-أن يعرف كيف يجمع بين الطاعة والسلطة.
د-أن يتقن جيدا مادة تخصصه.
هـ-أن يتحلى في معاملته للتلاميذ بالديموقراطية.
وقد توصل "وايتي" Witty (1964) إلى نفس النتائج باستخدام منهج مخالف للمنهج الذي استخدم "فيلدمان". فقد طلب من التلاميذ عن طريق الكتابة الإنشائية تحديد الأستاذ الناجح في نظرهم. فكانت معظم الإجابات تشير إلى أن المدرس الناجح والكف، هو الذي يملك اتجاها نحو التلاميذ يتحلى فيه بالصبر ويقوم بتشجيعهم والتحلي بالمواساة في معاملتهم. والقدرة على الإدماج مع التلاميذ (المرونة، اتساع الإهتمام ..) وأخيرا إتقان مهنته على افضل وجه.
وفي بحث آخر قام به "جراسو" Grasso، حدد في التلاميذ جملة من الصفات التي يرغبون توفرها لدى المدرس. نذكرها بحسب الأهمية لديهم:
أ-التفهم.
ب-التسامح.
ج-الموضوعية.
د-الإنسانية.
هـ-الثقافة.
و-الحزم.
ي-المعرفة السيكولوجية للتلاميذ.
إن الطفل من طبيعته حساس بالظلم ومدرك للامساواة وقد يزداد لديه في مرحلة المراهقة، حيث تتقوى قواه الإدراكية وتنضج، لهذا فإن جميع المبحوثين من التلاميذ المراهقين يؤكدون على صفة الديموقراطية والمساواة في معاملته التلاميذ كصفة أساسية ينبغي كما أكد معظمهم على صفة تواصل المدرسين مع تلاميذهم والإقتراب منهم لفهمهم ومساعدتهم بقدر الإمكان على حل مشاكلهم. ولعل هذا ينشدها التلاميذ المراهقين مهما كانت بيئتهم وواقعهم السوسيو-ثقافي والإقتصادي البحث الذي قام به مصطفى حدية حول التنشئة الإجتماعية في الوسط القروي. أكد بحثه أن 65,83% من المراهقين المتمدرسين يرون أن المدرسين لا يبذلون أي جهد أو المشاكل الشخصية التي يعاني منها تلامذتهم، هذا في الوقت الذي يرى فيه المراهقين في الوسط القروي أحوج ما يكونون إلى ذلك أكثر من غيرهم من المراهقين واقعهم الأسري، بالمقارنة مع نظيرهم في الوسط الحضري، ومع ذلك فإن المدرسين لا بتكوين شخصية المتعلمين ونضجها، بقدر ما يهتمون بالتحصيل المعرفي لهم، فدور ينحصر في نقل المعلومات وغكمال المقررات، ودونما تكليف المدرسين لأنفسهم بالحبث ملاءمة ما يقدمونه للتلاميذ من معلومات لوسطهم البيئي ولحاجاتهم الأساسية.
وبالفعل فإن من مظاهر أزمة نظامنا التعليمي، طغيان الطابع "المدرسي"، عليه، المتمثل في الحفظ والغسترجاع وفي اهتمام المدرسين بإنجاز المقررات، وطغيان الشكلية في التدريس، واعتماد أسلوب الإلقاء والكتاب المدرسي ذو البعد المعرفي والثابت، واتجاه كل الأنشطة التعليمية إلى هدف واحد وهو الإمتحان.
ومن الصعوبة بمكان في نظامنا التعليمي كهذا، الإهتمام بشخصية المتعلم وبحاجاتها المتعلم وبحاجاتها على أن ما يؤخذ على بعض البحوث الميدانية التي تناولت علاقة التلميذ وجهة نظر التلاميذ، هون ان معظم هذه البحوث اعتمدت على تقييم التلاميذ لمدرسيها ما يقدمه لهم المدرسون من خدمات تتعلق بجنسهم وسنهم وبمستواهم السوسيواقتصادي غير أن هناك بحوثا أخرى اكتشفت عاملا آخر له تأثير على طبيعة إدراك التلميذ وهو "الرأي الجماعي" فالفكرة السائدة عن مدرس ما في القسم تشكل إدراك التلاميذ، ومن ثمة تبلور اتجاها معينا نحوه.
وهكذا ياتي تقييم التلاميذ لمدرسيهم كنتيجة لتأثير مشترك لحاجات القسم التلاميذ ونوع الإستجابة التي يبديها المدرس نحوها.
وحول اتجاهات المراهقين المتمدرسين نحو المدرسين، فإن نتائج البحث الميداني الإتجاهات النفسية-الإجتماعية للتلاميذ تؤكد ميل المراهقين إلى استنادهم وحبهم يتمنون "ربط العلاقات معهم"، فقد بينت استجابات المراهقين لاختيار تفهم الموضوع أن بعض التلاميذ الذين فقدوا الأب أو الأب موجود وله تأثير ضعيف عليهم، أسقطوا على الصورة المخصصة لإدراك صورة الأب، ادركوا فيها صورة المدرس عوض الأب (البطاقة 7). فقد أدركوا في البطاقة صورة مدرس يحاور تلميذه ويوجهه توجيها في أذهان التلاميذ، الذين شكلوا عينة البحث. فالمدرس في بعض الحالات بديل الاب المفقود، وأنه الشخص الكفء الذي يحل محل الأب غير الواعي.
اما نتائج استخدام اختبار تكملة الجمل (وهو اختبار إسقاطي) فقد بينت ردورها الخلو من الإضطراب في العلاقة بالأساتذة، فقد بلغت النسبة لذلك 62,25% أي أن حوالي الثلثين من المفحوصين الذين كان عددهم 200 قد اكملوا الجمل الناقصة المخصصة للغتجاه نحو الأساتذة بما يفيد تقديرهم واحترامهم وتمنيهم أن يصبحوا في مراتبهم العلمية والمعرفية. فالمراهقون المبحوثون يشعرون بقيمة الأستاذ المقتدر الذي يحظى بكل إعجاب وتقدير لديهم. فعن الجملة "في المدرسة المدرسون الذين يدرسون لي .." أجاب حوالي % 55.5 من المراهقين بما معناه "أحترمهم وأتمنى الوصول إلى مرتبتهم وثقافتهم".
من خلال هذه النتائج يتضح لنا ما ينتظره التلاميذ من مدرسيهم من خصائص وصفات، فهم يحبذون المدرس الذي لا يقتصر في عمله المهني على نقل المعارف وإيصالها إليهم، وإنما ينتظرون منه أيضا النزول إلى عالمهم الوجداني لفهم مشاكلهم، ومعاناتهم، كما أنهم يجمعون على ضرورة تحلي المدرس بمبدأ الديموقراطية في التعامل معهم وعدم التجرد من العطف والحنان في معاملتهم. ومن خلال هذا كله يبدو وجليا وجود المدرس في موقع جد حساس لا يحسد عليه. إذ التلميذ المراهق في هذه المرحلة العصيبة من حياته ينتظر من المدرس أكثر من غيره، فهم معاناته ومشاكله، فإذا صادف الجفو واللامبالاة، فإنه قد يستجيب له بالتحدي والصراع، ومن هنا نفسر أسباب عدول وانقطاع كثير من التلاميذ في هذه السن، على متابعة دراستهم بسبب سوء العلاقة بينهم وبين مدرسيهم.
إن مساهمة المدرسين في مرحلة المراهقة في عملية بناء شخصية المراهق ونضجها وتوفير إياه فرص التعبير عن مشاكله وقضاياه التدريب على أعباء تحمل المسؤولية يظل مطلبا وحاجة من أهم المطالب والحاجات في هذه المرحلة من النمو.
 
عودة
أعلى