منقول للافادة:
صدر بلاغ إخباري بتاريخ 17ماي 2013 للكتابة العامة للجامعة الوطنية لموظفي التعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب حول الحوار القطاعي الذي انعقد يوم الخميس 16 ماي الجاري بمركز التكوينات والملتقيات الوطنية بالرباط٬ والذي ترأسه السيد وزير التربية الوطنية وحضره الكتاب العامون للنقابات التعليمية وعدد من مسؤولي واطر الوزارة٬ جاء فيه أن مشروع النظام الأساسي الجديد يتضمن ثلاث هيئات׃ هيئة التدريس وهيئة التفتيش وهيئة التدبير التربوي والإداري والمالي....
ملاحظة أولية׃ هذا المشروع لا تظهر فيه هيئة التوجيه والتخطيط كهيئة مستقلة٬ الشيء الذي يعتبر إن هو حصل فعلا تراجعا خطيرا يمس إطار التوجيه والتخطيط.
لكن٬ وقبل الخوض في حيثيات هذا النظام٬ لابد ومن الناحية المنهجية الحديث أولا عن ولادة هذا الإطار وبداياته التاريخية موازاة مع رؤية الوزارة لهذا المجال وموازاة كذلك مع المعايير الدولية المتعارف عليها لمهنة التوجيه والتخطيط التربوي. وهذه الإطلالة ضرورية للإجابة عن الاستفهام المطروح أعلاه بناء على المعطيات الموضوعية وليس على التخمينات أو الانطباعات أو المواقف السياسية أو النقابية.
غداة الاستقلال وفي إطار المخططات الخماسية، لجأت الوزارة إلى تبني مفهوم التخطيط من خلال الخريطة المدرسية لمواجهة الطلب المتزايد على التمدرس وذلك عبر التحديد المسبق لأعداد التلاميذ بالنسبة لكل شعبة على الصعيدين الوطني والجهوي.
هذه الانطلاقة الأولى إذن كان هدفها الأساس هو التحكم النوعي والكمي في نظام التربية والتعليم مما زاد من عزلة قطاع التوجيه وحصر دور المستشار في حملات إعلامية موسمية يقوم بها \"موظفو\" التوجيه والتخطيط آنذاك.
مع إصدار التوجيه التربوي للمؤسسات سنة 1987، بدأت تتعقد مشاكل اطر التوجيه تحديدا مع المؤسسات التعليمية أو القطاعات المدرسية والتي لم تكن بعد قادرة أو مؤهلة لاستيعاب تدخلاتهم و خدماتهم.
بمجيء الميثاق الوطني للتربية والتكوين تم الإقرار بوظيفة التوجيه ودوره من خلال المذكرة 91 والتي حددت الأدوار الجديدة للمستشارين في التوجيه.
ثم جاء البرنامج الاستعجالي بمنهجية العمل بالمشاريع ووضع نظاما خاصا للإعلام والمساعدة على التوجيه عبر المذكرات 17 و18 و19 ومجموعة من الوثائق كدليل الإعلام والمساعدة على التوجيه وعدة المشروع الشخصي...لكن هذا المشروع لم يلق التجاوب الضروري من قبل الهيئة الإدارية والتربوية.
أخيرا ومع الوزارة الجديدة تم القطع النهائي مع البرنامج الاستعجالي واقتراح مجموعة من التدابير تهم التوجيه كالرفع من عدد المتخرجين من مركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط وإرساء بنيات الإعلام والتوجيه وإحداث وكالة وطنية للإعلام والتوجيه. لكن وللأسف الشديد لم يتحقق أي من هذه التدابير لحد الساعة.
من هذا الجرد التاريخي السريع نخلص إلى الملاحظات التالية والتي هي في نفس الآن مشاكل واقعية يعاني منها اطر التوجيه والتخطيط ׃
1-غياب تصور استراتيجي للوزارة حول التوجيه والتخطيط التربوي.
2-الارتجالية في تدبير المجال وتقلب الإطار وفقا لتقلب أمزجة المسؤولين.
3-تبني الغموض والضبابية حول الإطار وتكريس صورة نمطية سلبية عن تدخلاته وطبيعة مهامه.
4-غياب وسائل العمل الضرورية للمستشارين.
5-مقاومة التموقع القانوني لأطر التوجيه والتخطيط التربوي داخل منظومة التربية والتكوين.
وعند هذه النقطة الأخيرة بالذات، لابد من التوقف للإشارة إلى أن هذه المشاكل الإدارية \"المصطنعة؟\" حول الإطار،والمعرقلة للإطار في الوقت ذاته لامبرر لها في ظل المرسوم رقم 2-02-854 بتاريخ 13 فبراير 2003 والذي كان واضحا في تحديد مهام كل من المستشارين والمفتشين في التوجيه والتخطيط التربوي.
فالمادة 48 من هذا القانون تقول أن المستشارين في التوجيه التربوي من جميع الدرجات يقومون بعمليات الإعلام والتوجيه المدرسي وتحيين المعطيات والمعلومات المتعلقة بالآفاق التعليمية والمهنية ويكلفون بدراسة واستثمار الملفات المدرسية والقيام بالمقابلات والفحوص السيكولوجية لفائدة التلاميذ.
كما يقوم المفتشون في التوجيه التربوي وحسب المادة 53 من نفس القانون إضافة إلى مهام المستشارين عند الاقتضاء، بمهام التاطير والمراقبة للمستشارين في التوجيه والتنسيق بينهم وإعداد وتنفيذ وتقييم مخططات التربية والتعليم على الصعيدين الجهوي والوطني.
وبمقتضى المادة 57 يكلف المستشارون في التخطيط التربوي بإعداد وتنفيذ وتقويم مخططات التربية والتعليم والإشراف التقني على وضع الخريطة المدرسية وبرمجة البنايات والإحصاء المدرسي وتحليل المعطيات.
أما المفتشون في التخطيط التربوي فيقومون وفق المادة 62 بتاطير ومراقبة المستشارين في التخطيط والتنسيق بينهم وإعداد وتنفيذ وتقييم مخططات التربية والتعليم على المستوى الجهوي والوطني.
كما يمكنهم عند الاقتضاء القيام بنفس مهام المستشارين في التخطيط.
السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ׃ ما مشكل الوزارة مع هذا الإطار ؟ ولماذا هذا التذبذب في الإجراءات الإدارية بخصوص التوجيه والتخطيط بالمغرب ؟
بقيت ملاحظة أخيرة وهي أنه من أبجديات علم اجتماع المهن، أن لكل مهنة معايير تابثة في الزمان والمكان. فهل مهنة التوجيه والتخطيط التربوي استثناء لهذه القاعدة ؟
وهل يرتكب اطر التوجيه والتخطيط التربوي جرما لايغتفر في المطالبة ب ׃
-استقلالية المهنة ؟
-التقييم الموضوعي لأداء المهنة ؟
-التكوين المستمر للرقي بالمهنة ؟
-الشروط والوسائل المادية لمزاولة هذه المهنة ؟
-التنظيم العلمي للالتحاق والتكوين بمركز التوجيه والتخطيط التربوي بالرباط ؟ -الوحيد والأول في إفريقيا والعالم العربي-
-الانتظام في هيئة تنظم الممارسة المهنية وتدافع عنها ؟
أسئلة كثيرة موجهة للسيد وزير التربية الوطنية للإجابة عليها. ولنجيب نحن أيضا عن سؤالنا الأول حول فرضية الإجهاز على إطار التوجيه والتخطيط التربوي. هل هي مجرد إشاعة كاذبة أم على العكس من ذلك مناورة حقيقية للعودة بالإطار إلى نقطة الصفر للتفاوض من جديد حول هوية هذا الاطار(من هو؟ وما طبيعة عمله؟...)
ولا أهمية إطلاقا لما راكمه مركز التوجيه والتخطيط التربوي على مر السنوات من تجارب ميدانية، أو تخرج منه من اطر تشهد لها الوزارة نفسها بالكفاءة والتكوين العلمي.
محمد ازرور. مركز التوجيه والتخطيط التربوي. الرباط.