Concours Commun UM6SS 2025-2026
ismagi

نمطية هولاند وعلاقتها برغبات المتعلمين والتحول الرقمي في العصر الحديث Holland

ab youssef

مشرف منتدى tawjihnet.net
طاقم الإدارة
نمطية هولاند وعلاقتها برغبات المتعلمين و التحول الرقمي في العصر الحديث
La typologie de Holland et sa relation avec les aspirations des apprenants et la transformation numérique à l’ère moderne
بقلم : محمد بكنزيز - مفتش في التوجيه التربوي
نمطية هولاند وعلاقتها برغبات المتعلمين والتحول الرقمي في العصر الحديث Holland.jpg

المقدمة
تُعدّ نظرية جون هولاند (John Holland) من أبرز النظريات في ميدان التوجيه التربوي (orientation éducative)، إذ تربط بين أنماط الشخصية (types de personnalité) والاختيارات الدراسية (choix scolaires) التي تمكّن المتعلم من تحقيق ذاته ومشروعه الشخصي.

وفي ظل التحول الرقمي (transformation numérique) الذي يشهده العالم، أصبحت الحاجة ملحّة إلى إعادة قراءة هذه النظرية بما يتلاءم مع رغبات المتعلمين (désirs et aspirations des apprenants) وتطلعاتهم في زمن الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا المتطورة.

ويبرز في هذا السياق الدور الأساسي الذي يقوم به المستشارون في التوجيه التربوي (conseillers en orientation éducative) في مرافقة المتعلمين نحو اختيارات واعية ومسؤولة.

1. نظرية هولاند: الأسس والمضامين التربوية
تقوم نظرية هولاند على مبدأ أن رضا الفرد ونجاحه الدراسي يرتبطان بمدى التوافق بين شخصيته (personnalité) وبيئة التعلم والعمل (environnement d’apprentissage et de travail).

وقد صنّف هولاند الأشخاص إلى ستة أنماط رئيسية (six types de personnalité) هي:

1. Réaliste (الواقعي): يفضل الأنشطة اليدوية والميكانيكية والميدانية.
2. Investigateur (الباحث): يميل إلى التحليل العلمي والاكتشاف.
3. Artistique (الإبداعي): يحب التعبير الذاتي والابتكار الفني والثقافي.
4. Social (الاجتماعي): يسعى إلى مساعدة الآخرين والتفاعل الإنساني.
5. Entreprenant (الريادي أو المقنع): يمتلك روح القيادة والمبادرة والإقناع.
6. Conventionnel (التقليدي): يميل إلى النظام والانضباط والدقة.

ويعتمد المستشارون في التوجيه التربوي على هذا النموذج لتشخيص ميولات المتعلمين وتوجيههم نحو المسارات الدراسية الأكثر توافقًا مع شخصياتهم وطموحاتهم.

2. رغبات المتعلمين بين الميولات الفردية وتأثير البيئة الرقمية
تتأثر رغبات المتعلمين (motivations et intérêts des apprenants) اليوم بشكل كبير بالبيئة الرقمية التي يعيشون فيها.

فمن خلال المنصات التعليمية التفاعلية (plateformes éducatives interactives) ووسائل التواصل الحديثة، أصبح المتعلم أكثر اطلاعًا على المهن الجديدة وأكثر قدرة على اكتشاف ميولاته بنفسه.

لقد أدى هذا الانفتاح إلى بروز تنوع كبير في الرغبات الدراسية، وأصبحت عملية بناء المشروع الشخصي (projet personnel) أكثر تعقيدًا ودينامية.

هنا يأتي دور المستشارين في التوجيه التربوي في مساعدة المتعلمين على فهم أنفسهم، وتحليل اختياراتهم في ضوء متطلبات الواقع الرقمي.

3. التحول الرقمي وإعادة تشكيل أنماط هولاند
غيّر التحول الرقمي (transformation numérique) طبيعة المهن والمهارات، مما جعل أنماط هولاند تتخذ دلالات جديدة تتلاءم مع العصر الحديث.
فكل نمط من أنماط الشخصية الستة يجد اليوم تمثلاً رقمياً حديثًا:​
  • Réaliste: يتجه نحو المهن التقنية مثل الصيانة الرقمية والروبوتيك (robotique).​
  • Investigateur: يبدع في مجالات الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات (data science).​
  • Artistique: يتألق في التصميم الرقمي (design numérique) وصناعة المحتوى الإبداعي.​
  • Social: ينشط في التعليم عن بُعد (enseignement à distance) والمصاحبة الافتراضية (accompagnement virtuel)​
  • Entreprenant: يجد نفسه في ريادة الأعمال الرقمية (entrepreneuriat numérique).​
  • Conventionnel: يبرع في إدارة البيانات (gestion de données) وتنظيم النظم المعلوماتية​
وهكذا، لم تفقد أنماط هولاند قيمتها، بل تجدّدت وتكيّفت مع الواقع الرقمي الذي أصبح يدمج المهارات التقنية والإنسانية معًا.

4. دور المستشارين في التوجيه التربوي في العصر الرقم
أصبح المستشارون في التوجيه التربوي (conseillers en orientation éducative) فاعلين أساسيين في مواكبة التحول الرقمي داخل المؤسسات التعليمية.
فلم تعد الروائز الورقية التقليدية كافية لتشخيص ميولات المتعلمين، بل تطورت الأدوات إلى منصات رقمية ذكية (outils numériques intelligents) تمكن المستشار من:​
  • تحليل معطيات دقيقة حول اهتمامات المتعلم؛​
  • تتبع تطور ميولاته عبر الزمن؛​
  • اقتراح مسارات تكوينية وتخصصات رقمية ملائمة؛​
  • مرافقة المتعلم في بناء مشروعه الشخصي ومشروع حياته (projet de vie) بطريقة تفاعلية.​
  • بهذا، أصبح التوجيه التربوي عملية مستمرة ورقمية ترافق المتعلم من مرحلة الاكتشاف إلى مرحلة اتخاذ القرار المسؤول.​

الخاتمة
تؤكد العلاقة بين نمطية هولاند والتحول الرقمي أن هذه النظرية ما زالت إطارًا فعّالًا لتوجيه المتعلمين، شريطة أن يتم تحيينها وتكييفها رقمياً.
لقد أصبح المستشار في التوجيه التربوي حجر الزاوية في عملية التوجيه الحديثة، بفضل قدرته على الجمع بين البعد الإنساني في الفهم النفسي، والبعد التقني في تحليل المعطيات الرقمية، من أجل دعم المتعلم في بناء اختياره الحر والمسؤول.

التوصيات
1. تحديث نظرية هولاند لتواكب متطلبات العصر الرقمي.
2. تطوير منصات رقمية وطنية لتشخيص الميولات باستعمال الذكاء الاصطناعي.
3. تكوين المستشارين في التوجيه التربوي في مجال التحليل الرقمي وتشخيص الميولات الذكية.
4. إدماج التربية على الاختيار المسؤول ضمن المناهج التفاعلية الرقمية.
5. تعزيز التنسيق بين المؤسسات التعليمية وسوق الشغل الرقمي.
6. جعل التوجيه التربوي عملية ذكية، مستمرة، وتفاعلية ترافق المتعلم في جميع مراحل تكوينه.
محمد بكنزيز - مفتش في التوجيه التربوي
نونبر 2025​
 
عودة
أعلى