مقال : أيةُ مقاربةٍ للأسرةِ والمدرسةِ في تربيةِ النشء في زمنِ الذكاء الاصطناعي؟
Quelle approche pour la famille et l'école dans l'éducation des jeunes à l’ère de l’intelligence artificielle
الكاتب : محمد بكنزيز
Quelle approche pour la famille et l'école dans l'éducation des jeunes à l’ère de l’intelligence artificielle
الكاتب : محمد بكنزيز
المقدمة
يشهد العالم المعاصر تحولات بنيوية عميقة بفعل التطور السريع للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، وهي تحولات تركت بصمتها الواضحة على أنماط العيش والتواصل والتعلم. وقد أضحى الطفل اليوم يتفاعل مع عالم مركّب تتداخل فيه البيئات الواقعية والافتراضية، مما يفرض على الأسرة والمدرسة مسؤوليات جديدة تتجاوز الأدوار التقليدية المألوفة. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى صياغة مقاربة تربوية متكاملة، تتقاسم فيها المؤسستان التربويتان المركزيتان – الأسرة والمدرسة – أدواراً تنسيقية قائمة على التوجيه الرقمي السليم، وبناء الكفايات المستقبلية، وتحصين النشء من الانزلاقات السلوكية والمخاطر الرقمية. إن هذا الوضع المستجد يقتضي إعادة نظر في أساليب التربية وتحديثها كي تستجيب لمتطلبات عصر لم يعد فيه الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل منظومة مؤثرة في التعلم والهوية والقيم.
1. التحولات الرقمية وأثرها على النشء
يشكّل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي إطاراً جديداً لفهم سلوكات الأطفال، حيث باتت التقنيات الذكية وسيطاً معرفياً وتواصلياً ذا أثر مباشر على تمثلات المتعلمين، وعلى أنماط تعلمهم وتفاعلهم مع المحيط. وتفرض هذه التحولات تحديات تربوية تتمثل في كيفية مرافقة النشء في عالم غني بالفرص لكنه مفعم بالمخاطر.
2. مسؤوليات الأسرة في البيئة الرقمية
تؤدي الأسرة دوراً أساسياً في تشكيل السلوك الرقمي للطفل، من خلال المراقبة التربوية الرشيدة، والتربية على القيم والمواطنة الرقمية، وتنظيم استعمال الأجهزة والشاشات. كما تضطلع بوظيفة المرافقة النفسية والعاطفية للطفل الذي يتفاعل مع فضاءات افتراضية متغيرة وسريعة الإيقاع، بما يضمن توازنه النفسي واستقلاليته الفكرية.
3. أدوار المدرسة في عصر الذكاء الاصطناعي
أصبحت المدرسة مطالبة بتجديد مناهجها وبرامجها، وإدماج الثقافة الرقمية والذكاء الاصطناعي ضمن التعلمات الأساسية. كما يقع على عاتقها تطوير الكفايات المعرفية والمنهجية للمتعلمين، وخاصة مهارات التفكير النقدي، والتحليل، وحل المشكلات، والابتكار. ويُنتظر منها أيضاً بناء آليات لحماية المتعلمين من المخاطر الرقمية، من خلال التربية الإعلامية وتعزيز الوعي بالسلوك الرقمي السليم.
4. مقاربة الشراكة بين الأسرة والمدرسة
تغدو الشراكة التربوية بين الأسرة والمدرسة ضرورة استراتيجية لضمان تربية رقمية فعالة، حيث يجب تعزيز قنوات التواصل والتنسيق المستمرين، وتبادل المعطيات حول السلوكات والتعلمات الرقمية للطفل، وإطلاق مبادرات تربوية مشتركة تستهدف تنمية الكفايات الرقمية والقيمية للنشء. وتمثل هذه الشراكة أساساً لبناء مجتمع تعلّم ممتد يربط البيت بالمؤسسة التعليمية.
5. الكفايات المستقبلية الضرورية لأجيال العصر الرقمي
تفرض الثورة التكنولوجية ضرورة تنمية كفايات جديدة لدى النشء، من بينها: الثقافة الرقمية، القدرة على التعلّم الذاتي، مهارات التواصل والتعاون، التفكير النسقي، الذكاء العاطفي والاجتماعي، إضافة إلى الاستعداد للتفاعل مع مهن مستقبلية يُتوقع أن يتقاطع فيها الذكاء البشري مع الذكاء الاصطناعي بشكل أوثق.
الخاتمة
إن تربية النشء في زمن الذكاء الاصطناعي لم تعد شأناً يخص المدرسة أو الأسرة على نحو منفصل، بل أضحت مسؤولية مشتركة تتطلب انسجاماً في الأدوار، وتنسيقاً في البرامج، ورؤية موحدة قائمة على القيم والتعلم الذكي. فالتكنولوجيا – على ما توفره من فرص للتعلم والإبداع – قد تحمل مخاطر في غياب الوعي الرقمي، مما يجعل بناء مقاربة تربوية مندمجة أمراً ضرورياً لضمان نشء قادر على التفاعل الواعي مع التحولات، وعلى توظيف الذكاء الاصطناعي بما يخدم تنميته المعرفية والأخلاقية والاجتماعية.
توصيات
1. تعميم برامج التكوين الأسري في التربية الرقمية لرفع وعي الآباء بمخاطر الفضاء الرقمي وأساليب الاستخدام الآمن والرشيد.
2. إعادة هيكلة المناهج الدراسية لإدماج مهارات القرن الحادي والعشرين، بما فيها التفكير الحاسوبي، البرمجة، والتحليل لرقمي.
3. تعزيز التنسيق التربوي بين الأسرة والمدرسة عبر منصات تواصل رقمية وآليات تتبع مشتركة للسلوكات والتعلمات.
4. ترسيخ منظومة القيم داخل البيئتين الأسرية والمدرسية وخاصة قيم المسؤولية، الأمان الرقمي، واحترام الخصوصية.
5. إدراج الذكاء الاصطناعي في ممارسات التدريس والتقويم بما يضمن دعم التعلمات دون المساس بدور المدرس التوجيهي.
6. تنمية التفكير النقدي والإعلامي لدى المتعلمين للحد من تأثير الأخبار الزائفة والمحتويات المضلّلة.
7. بناء فضاءات رقمية آمنة للأطفال والحد من ظواهر التنمر الإلكتروني والإدمان الرقمي.
8. تشجيع الأنشطة الإبداعية والابتكارية التي تنمّي الخيال، والبحث، والتجريب، وتساعد الأطفال على استيعاب التكنولوجيا بطريقة واعية وإيجابية.
يشهد العالم المعاصر تحولات بنيوية عميقة بفعل التطور السريع للذكاء الاصطناعي والتقنيات الرقمية، وهي تحولات تركت بصمتها الواضحة على أنماط العيش والتواصل والتعلم. وقد أضحى الطفل اليوم يتفاعل مع عالم مركّب تتداخل فيه البيئات الواقعية والافتراضية، مما يفرض على الأسرة والمدرسة مسؤوليات جديدة تتجاوز الأدوار التقليدية المألوفة. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة إلى صياغة مقاربة تربوية متكاملة، تتقاسم فيها المؤسستان التربويتان المركزيتان – الأسرة والمدرسة – أدواراً تنسيقية قائمة على التوجيه الرقمي السليم، وبناء الكفايات المستقبلية، وتحصين النشء من الانزلاقات السلوكية والمخاطر الرقمية. إن هذا الوضع المستجد يقتضي إعادة نظر في أساليب التربية وتحديثها كي تستجيب لمتطلبات عصر لم يعد فيه الذكاء الاصطناعي مجرد أداة، بل منظومة مؤثرة في التعلم والهوية والقيم.
1. التحولات الرقمية وأثرها على النشء
يشكّل التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي إطاراً جديداً لفهم سلوكات الأطفال، حيث باتت التقنيات الذكية وسيطاً معرفياً وتواصلياً ذا أثر مباشر على تمثلات المتعلمين، وعلى أنماط تعلمهم وتفاعلهم مع المحيط. وتفرض هذه التحولات تحديات تربوية تتمثل في كيفية مرافقة النشء في عالم غني بالفرص لكنه مفعم بالمخاطر.
2. مسؤوليات الأسرة في البيئة الرقمية
تؤدي الأسرة دوراً أساسياً في تشكيل السلوك الرقمي للطفل، من خلال المراقبة التربوية الرشيدة، والتربية على القيم والمواطنة الرقمية، وتنظيم استعمال الأجهزة والشاشات. كما تضطلع بوظيفة المرافقة النفسية والعاطفية للطفل الذي يتفاعل مع فضاءات افتراضية متغيرة وسريعة الإيقاع، بما يضمن توازنه النفسي واستقلاليته الفكرية.
3. أدوار المدرسة في عصر الذكاء الاصطناعي
أصبحت المدرسة مطالبة بتجديد مناهجها وبرامجها، وإدماج الثقافة الرقمية والذكاء الاصطناعي ضمن التعلمات الأساسية. كما يقع على عاتقها تطوير الكفايات المعرفية والمنهجية للمتعلمين، وخاصة مهارات التفكير النقدي، والتحليل، وحل المشكلات، والابتكار. ويُنتظر منها أيضاً بناء آليات لحماية المتعلمين من المخاطر الرقمية، من خلال التربية الإعلامية وتعزيز الوعي بالسلوك الرقمي السليم.
4. مقاربة الشراكة بين الأسرة والمدرسة
تغدو الشراكة التربوية بين الأسرة والمدرسة ضرورة استراتيجية لضمان تربية رقمية فعالة، حيث يجب تعزيز قنوات التواصل والتنسيق المستمرين، وتبادل المعطيات حول السلوكات والتعلمات الرقمية للطفل، وإطلاق مبادرات تربوية مشتركة تستهدف تنمية الكفايات الرقمية والقيمية للنشء. وتمثل هذه الشراكة أساساً لبناء مجتمع تعلّم ممتد يربط البيت بالمؤسسة التعليمية.
5. الكفايات المستقبلية الضرورية لأجيال العصر الرقمي
تفرض الثورة التكنولوجية ضرورة تنمية كفايات جديدة لدى النشء، من بينها: الثقافة الرقمية، القدرة على التعلّم الذاتي، مهارات التواصل والتعاون، التفكير النسقي، الذكاء العاطفي والاجتماعي، إضافة إلى الاستعداد للتفاعل مع مهن مستقبلية يُتوقع أن يتقاطع فيها الذكاء البشري مع الذكاء الاصطناعي بشكل أوثق.
الخاتمة
إن تربية النشء في زمن الذكاء الاصطناعي لم تعد شأناً يخص المدرسة أو الأسرة على نحو منفصل، بل أضحت مسؤولية مشتركة تتطلب انسجاماً في الأدوار، وتنسيقاً في البرامج، ورؤية موحدة قائمة على القيم والتعلم الذكي. فالتكنولوجيا – على ما توفره من فرص للتعلم والإبداع – قد تحمل مخاطر في غياب الوعي الرقمي، مما يجعل بناء مقاربة تربوية مندمجة أمراً ضرورياً لضمان نشء قادر على التفاعل الواعي مع التحولات، وعلى توظيف الذكاء الاصطناعي بما يخدم تنميته المعرفية والأخلاقية والاجتماعية.
توصيات
1. تعميم برامج التكوين الأسري في التربية الرقمية لرفع وعي الآباء بمخاطر الفضاء الرقمي وأساليب الاستخدام الآمن والرشيد.
2. إعادة هيكلة المناهج الدراسية لإدماج مهارات القرن الحادي والعشرين، بما فيها التفكير الحاسوبي، البرمجة، والتحليل لرقمي.
3. تعزيز التنسيق التربوي بين الأسرة والمدرسة عبر منصات تواصل رقمية وآليات تتبع مشتركة للسلوكات والتعلمات.
4. ترسيخ منظومة القيم داخل البيئتين الأسرية والمدرسية وخاصة قيم المسؤولية، الأمان الرقمي، واحترام الخصوصية.
5. إدراج الذكاء الاصطناعي في ممارسات التدريس والتقويم بما يضمن دعم التعلمات دون المساس بدور المدرس التوجيهي.
6. تنمية التفكير النقدي والإعلامي لدى المتعلمين للحد من تأثير الأخبار الزائفة والمحتويات المضلّلة.
7. بناء فضاءات رقمية آمنة للأطفال والحد من ظواهر التنمر الإلكتروني والإدمان الرقمي.
8. تشجيع الأنشطة الإبداعية والابتكارية التي تنمّي الخيال، والبحث، والتجريب، وتساعد الأطفال على استيعاب التكنولوجيا بطريقة واعية وإيجابية.
محمد بكنزيز - دجنبر 20255

