Concours Commun UM6SS 2025-2026
ismagi

تغيّر المسار المهني رغم الاختيار الصائب : بين واقعية الممارسة وتحقيق مشروع الحياة

الاستاذ

مشرف منتدى tawjihnet.net
طاقم الإدارة
تغيّر المسار المهني رغم الاختيار الصائب :
بين واقعية الممارسة وتحقيق مشروع الحياة
Changer de parcours professionnel malgré un choix initial réussi
entre réalité et réalisation du projet de vie
بقلم : محمد بكنزيز - مفتش في التوجيه التربوي
محمد بكنزيز تغيّر المسار المهني رغم الاختيار الصائب بين واقعية الممارسة وتحقيق مشروع الحياة.jpg
مقدمة
في عالم متغير بوتيرة متسارعة، لم يعد الاستقرار في مهنة واحدة إلى التقاعد أمراً شائعاً كما في الماضي. فحتى بعد اختيار مهني صائب، ودراسة وتكوين مناسبين، وممارسة مهنية ناجحة لسنوات، نجد عدداً متزايداً من الأشخاص يغيرون مسارهم المهني لأسباب متعددة، منها الشخصية والموضوعية.

ويعكس هذا التحول وعياً جديداً بضرورة تحقيق مشروع الحياة، الذي يمكن أن يتطور ويتغير بتغير متطلباته، وظروف الواقع المهني والاجتماعي والاقتصادي.

1. من مهنة الحلم إلى واقعية الممارس
الرغبة في ممارسة مهنة ما، رغم كونها مهنة الحلم، قد تكشف بعد التجربة الواقعية عن جوانب لم تكن في الحسبان.
فما يبدو من الخارج حلماً جميلاً قد يتحول عند الممارسة إلى واقع مختلف، مليء بالتحديات والضغوط، مما يدفع الفرد إلى مراجعة اختياره والسعي نحو مهنة أخرى أكثر توافقاً مع ذاته وتطلعاته.

إن التمثلات المسبقة عن المهن لا تكون دائماً صحيحة، لأنها تُبنى غالباً من “خارج اللعبة”، دون تجربة واقعية أو احتكاك فعلي بالميدان.

2. أهمية التجربة الميدانية والمعرفة المسبقة بالمهن
لتفادي الصدمة المهنية أو الإحباط بعد الولوج إلى مهنة ما، أصبح من الضروري اعتماد التداريب الميدانية، وزيارة ورشات العمل، والانفتاح على المهنيين والخبراء في مختلف المجالات.

هذه الخطوات تمنح المتعلم أو الطالب فرصة لاكتشاف الواقع الحقيقي للمهنة، وفهم متطلباتها، وإدراك مدى توافقها مع قدراته وميولاته ومشروعه الشخصي والمهني.

3. التغير المهني كاستجابة لمتغيرات العصر
يجد العديد من الأشخاص أنفسهم مضطرين لتغيير مهنهم أو مجالات اشتغالهم، إما بسبب التقدم التكنولوجي والذكاء الاصطناعي والتحول الرقمي، أو رغبة في تحسين ظروف العمل، أو نتيجة التقدم في السن والرغبة في تقليص الجهد البدني والضغط النفسي.

كما تدفع الهجرة أو الرغبة في إنشاء مقاولة خاصة أو التكوين في مجال جديد نحو التغيير، مما يجعل التنقل المهني سلوكاً عادياً في عصر سريع التحول.

4. من الاستقرار الوظيفي إلى تحقيق مشروع الحياة
لم تعد الحياة المهنية تُقاس بعدد السنوات في نفس المهنة، بل بمدى تحقيق الذات ومشروع الحياة الذي يتطور مع الزمن.

فالإنسان اليوم يبحث عن مهنة تحقق له التوازن النفسي والاجتماعي، وتمنحه الإحساس بالمعنى والقيمة، حتى وإن تطلب ذلك تغيير الاتجاه أكثر من مرة في حياته المهنية.

5. الكفايات اللينة كرافعة للتكيف والنجاح
إن مواكبة التحولات المتسارعة في سوق الشغل تقتضي التوفر على كفايات لينة (Soft Skills) بجانب الكفايات الصلبة المرتبطة بالمهنة، مثل:​
  • القدرة على التواصل الفعّال.​
  • المرونة والتكيف مع التغيير.​
  • التفكير النقدي والإبداعي.​
  • روح العمل الجماعي والمبادرة.​
هذه الكفايات أصبحت أساس النجاح في مختلف المهن، وتمكن الفرد من الانتقال السلس بين المجالات، وتحقيق الاستمرارية في مساره المهني المتجدد.

خاتمة
تيير المهنة بعد سنوات من الممارسة لم يعد دليلاً على التردد أو الفشل، بل هو تعبير عن الوعي بضرورة التكيف مع التحولات الكبرى، والسعي لتحقيق مشروع حياة متجدد ومتوازن.

إن العالم المهني اليوم لا يعرف الثبات، بل يتطلب استعداداً دائماً للتعلم وإعادة التكوين، وتقبّل فكرة أن مهنة الحلم قد تكون مجرد محطة في مسار طويل من البحث عن المعنى والنمو الذاتي والمهني.

توصيات
1. إدماج التجارب الميدانية والزيارات المهنية في البرامج الدراسية قبل الاختيار النهائي للمهنة.
2. تعزيز التواصل بين المتعلمين والمهنيين والخبراء لتقديم صورة واقعية عن المهن.
3. تشجيع ثقافة التعلم المستمر وإعادة التكوين لمواكبة التحولات المهنية.
4. تطوير برامج التوجيه التربوي والمهني لتشمل جانب التجريب والملاحظة الميدانية.
5. التركيز على تنمية الكفايات اللينة بجانب الكفايات التقنية في جميع المسارات التكوينية.
6. اعتبار التغيير المهني حقاً طبيعياً ومساراً تطورياً يندرج ضمن تحقيق مشروع الحياة.​

محمد بكنزيز - مفتش في التوجيه التربوي
نونبر 2025​
 
عودة
أعلى